حياة مشلولة

2042
Lukuaika: 3 min.

قد يبدو على اللآجئين المنفصلين عن عائلاتهم مظاهرُ التنعم بحياةٍ آمنة، لكنما القلق على افراد أسرهم يستهلك تفكيرهم. يخلف الإنفصال الأسري هذا عدة اعراض نفسية جسدية ويجعل من الصعب الإندماج في بلدٍ جديدٍ

المؤلفون: إلينا يوكينن، إدريس بايان شينواري، احمد زيدان، إلين نيمينن ويوهنا هييتولا

” لمّا يرنُ الهاتف، يبدأ قلبي بالخفقان على إيقاع الخوف. كلي املٌ أن لا يكون ثمةَ شيءٌ قد حدث”،

يقولُ لآجىءٌ شاب منفصلٌ عن أسرتِهِ

الأمن الاساسي غالباً مايتم تفسيره على أنه الخلو من التهديد الجسدي والعقلي او القدرة على تأمين مصدرٍ للدخل والسكن، إضافةً الى الوصول للتنمية على المستوى الشخصي. قد تبدو هذه الشروط موافية للآجئين القاطنين في فنلندا. مع ذلك، قد يعيش العديد من الناس القادرين على تأمين إقامتهم على أساس الحماية العالمية ظروفاً مفعمةً بحياةٍ غير مؤمنة، تلك التي تؤثر عليهم جسدياً وذهنياً معاً

الشعور بفقدان الأمان و بعض الأعراض ذات العلاقة، مشاعرٌ كانت قد طفتْ على السطح عندما اجرينا ٤٠ مقابلة مع لآجئين حول تجاربهم كمنفصلين عن أسرهم. إن جل عاطفتهم لا تتركز ببساطة في توقهم الى إعادة الشمل فحسب، فالعديد من اللآجئين يشوبهم القلقُ بإضطراد ازاءَ سلامةِ أحبائهم العاجزين على التنعمِ بحياةٍ يومية طبيعية

يمثلُ الأرق احدُ اكثر الأعراضِ انتشاراً لما يتم التطرق الى موضوع الإنفصال الأسري. الليل هو الوقت حيث لا يمكن للمرءِ شحن افكارهِ بالنشاطات او اللقاءات الإجتماعية. حينها تبدأ الافكار بالتسابقِ صوب الوراء، وتُنفخُ الحياةُ في رفاةِ الذكريات. اما إن تمكن احدهم على الأرق في غفوةٍ ما، فحينها لن تتركه الكوابيس بحاله لكي ينعمَ بنومٍ هنيء، كوابيس مغزاها مكروهٌ اصاب أسرته. أحد الابآء ممن تم إجبارهم على التخلي عن عائلته بالقوة اثناء الرحلة، قال أنه ومن يومها لم يقدر على النوم لوحده. فثمةَ صديقٌ جاء ليشاركه النوم في مسكنه كلَ ليلةْ. كان هذا الأب من بين قلةٍ حالفها الحظ فتمكن من جلب عائلته لتلتحق به في فنلندا. مع ذلك، لايزال عاجزاً على الخلود الى النوم بمفردهِ على الرغم من أن عائلته تشاركه العيش هنا منذ اربع سنوات. ذكرياتٌ موحشة تضرب اطنابها بإعماق الذاكرة

يمكن ايضاً تطبيع القلق الدائم على نحوٍ جديد. معظم الذين إلتقينا بهم حدثونا أنَّ حياتهم كانت ببساطة صراعاً لاجل البقاء. على الشخص أن يدرس، أنْ يكون له هوايةٌ ما، أنْ يخرج ويغدو مفعماً بالنشاط. لكن حينما تستنزف جميع الخيارات، يصبح العيش على شفى الإنهيار امراً مُسلماً به. ”عليَّ أنْ امضي قدماً”، قالها أحد الذين تمت مقابلتهم. إنَّ الخيار الآخر هو الاستسلام-هذا الآجىء الشاب كان قد اخذ هذا الخيار بنظر الإعتبار ايضاً. لحسن الحظ أنه تلقى المساعدة حول افكاره المتعلقة بالإنتحار

إنه لمن الصعب التفكير باسرةِ الشخص وببلده الأم ايضاً، بسبب محدودية الوسائل المتوفرة لمساعدة عائلته. إنَّ تواردِ أخبار الإنفجارات تسهم في تأجيج القلق حينما يتعذّر التعرف على مكان وجود الأسرة. هل أنهم في البقعة التي حدث فيها الإنفجار، او أنهم بمكانٍ آخرَ ذات مأمن؟ لم يتسنَ لبعض الاشخاص ممن قمنا بمقابلتهم التعرفَ على اماكن تواجد أسرهم او حتى التأكد من أن أسرهم لاتزال على قيد الحياة. مع ذلك، هؤلاء الذين سمعوا عن أفراد أسرهم غالباً ماتأثروا ايضاً بتوالي تلك الأخبار التي تحمل في طياتها المعاناة

وصفت أمٌ شابةٌ حالها في منأى عن أسرتها كما لو انها مصابةٌ بشللٍ نصفي. نصفها لمّا يغادر تركيا برفقةِ أمها وأختها، بينما يحاول النصف الآخر عبثاً التشبث بالحياة في فنلندا، حيث تأمل أنْ ينشأ اطفالها سعداء. إن الشعور بالذنب على الأبناء، ذاك المتأثر بمحنةِ الأم هو عبءٌ إضافي يبدو من الصعب أن ينوء المرءُ بحمله

بعض اللآجئين كانوا قد تلقّوا يد العون من مراكز خدمات الصحة العقلية او من اماكنَ اخرى. مع كل ذلك، يقاسي معظهم مشقةَ حمل العبء لوحدهم دونَ غيرهم. فغالباً مابدا لهم عدم الإفصاح عن مايمرون به للآخرين هو الخيار الافضل، لمقدار الألم المتمخض عن مشاركتهم لتلك التجارب. و قد يمكن القول- حتى اذاما عرضت عليك المشورة، ألا يمكن لذلك أن يعالج الاعراض؟ من وجهة نظر تخص رفاهية وإندماج الآجئين، إنَّ من الجوهري جعلُ عملية إعادة شمل الأسرة سهلة. في فنلندا تدرجت هذه العملية لتصبح اصعب فاصعب بشكلٍ ممنهج منذ عام ٢٠١٠

رابط

نبذة عن المدونة

يعد مدخل المدونه هذا هو الجزء الاول من سلسلة متعددة اللغات مكونة من ثلاثة اجزاء تعرض نتائج مشروع بحث ”الإنفصال الأسري، حالة الهجرة والسلامة اليومية” يعنى المشروع في تقصي تأثير قيود سياسة الهجرة من حيث تجربة وتنظيم السلامة اليومية بين المهاجرين المستضعفين وعائلتهم ماوراء الحدود

المؤلفون:

إلينا يوكينن طالبة جغرافية في جامعة توركو، وتقوم حالياً بالعمل على اطروحة الماجستير كجزء من مشروع ” الإنفصال الأسري، حالة الهجرة والسلامة اليومية: استراتيجيات وخبرات المهاجرين المستضعفين ”

( اكاديمية فنلندا ٢٠١٨-٢٠٢١ )

يستكمل إدريس بايان شينواري حالياً دراسته في مجال الخدمات الاجتماعية بجامعة دياكونيا للعلوم التطبيقية. عمل كمساعد باحث في مشروع

”الإنفصال الأسري حالة الهجرة والسلامة اليومية: استراتيجيات وتجارب المهاجرين المستضعفين”

خلال ربيع عام ٢٠١٩

احمد زيدان شاعر وصحفي من الموصل، يعمل كمساعد باحث في المشروع

” الإنفصال الأسري، حالة الهجرة والسلامة اليومية: استراتيجيات وتجارب المهاجرين المستضعفين ”

إلين نيمنن متخرجة من جامعة توركو. عملت كمساعد باحث في معهد فنلندا للهجرة

تعمل الباحثة الأقدم يوهنا هييتولا ( معهد فنلندا للهجرة ) على مشروع

”الإنفصال الأسري، حالة الهجرة والسلامة اليومية: استراتيجيات وتجارب المهاجرين المستضعفين ”

( اكاديمية فنلندا ٢٠١٨-٢٠٢١ )

هنا بإمكانكم قراءة المقالة المدونة باللغةِ الفنلندية، الإنكليزية والداريةْ

Finnish, English and Dari versions.